يدٌ، وعينٌ.. والكلام
الأربعاء يوليو 02, 2014 4:51 pm
هل كنتُ لأبكي لولا ذاك الدّفء الذي تركتهُ على رصيف المحطّة؟، إنّي تركتك واقفة قُبالته، كأنه مازال يحتويني، ورأيتك تضمينه كما كنت تضمين رسمي.
لم أحمل معي غير ملامح إشارة يدك المتعبة التي لوّحتِ بها ببطء. بدت مثقلة بحزن أنهكها، لم تكن إشارتك عادية. إنّها تشير للمستقبل، تشير بعييييدًا، ولم يخفَ عني ما تعنيه، لم يخفَ...
حركتُ يدي عن غير قصدٍ، أو ربما حركتها كي أردّ تحية الوداع. يدي ثقيلة، كأنها تأبى... حاولت، فاهتزت من كفّي بقايا عطرك، كان يغني لي أغنية فيروزية تنعش أنفاسي المتعبة من رائحة الوداع الخانقة.
كم هي أنسامك فردوسية!!.
فخطَفَـتني من نفسي. روحي اِنْتُـشِلَت من جسدي. من قاع سحيقٍ رفعتُ رأسي فرأيتُ عينك الذارفة، ووجهك الخجول كشمسٍ على أهبَة المغيب. وتلك الحمرة النازلة تشوب أفقي الضيّق...
وعندما تحركت عجلات القطار، التي بدأت بطيئة في البداية وسرعان ما انطلقَ عزفها السّريع، نظرتُ إليك هناك، على الرصيف. يدك كانت كحمامة برية ترفرف حول عشّ فراخها. كان الحنان يشع، يملأ المدى. وحدي أنا من فهم شفرة تأرجحها ورفرفتها، وحدي المعني لا غيري...
بقيتُ أسأل، هل كانت دمعتي تغادرُ مرافئ العين لتشق طريقها بين المآقي لأنها ضجرت بالمكان، أم لأنها حنّت لأهل المكان، أم لأن القدر أقوى من الإنسان، أم لأن موسم احتضارها قد حان؟
قلتُ لك يومًا: لا أعلم لمَ العينُ تُصَدِّقُ نبض القلب، فتستسلم له رغم أنّ أملَها يحدّثُها بأنَّ الوداع يقابله اللقاء، هما يتناوبان.
يومها حرّكتِ رأسكِ يمينا وشمالا. ولم أسألك لِمَ.
واليوم تأبى العينُ إلا أن تُصَدِّقَ القلب حين يقول:
- الوداعُ احتمال الفراق الأبدي، قد لا يُكتبُ لنا اللقاء.
رشيد أمديون
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى