منبر التعليم الجزائري
حياك الله
لقد سعدنا بقدومك الينا
اتمنا لك ان تفيد وتستفيد وتجد كل ماهو مفيد
وان تقضي اجمل الاوقات معنا
فمرحبا بك
في انتظار مشاركاتك الجميلة.
منبر التعليم الجزائري

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منبر التعليم الجزائري
حياك الله
لقد سعدنا بقدومك الينا
اتمنا لك ان تفيد وتستفيد وتجد كل ماهو مفيد
وان تقضي اجمل الاوقات معنا
فمرحبا بك
في انتظار مشاركاتك الجميلة.
منبر التعليم الجزائري
منبر التعليم الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
Admin
Admin
عدد المساهمات : 338
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 27/06/2014
العمر : 26
http://www.hadibieduc.com

جزرة بِلادي ، أقصوصةُ ستروى كثيراً ! Empty جزرة بِلادي ، أقصوصةُ ستروى كثيراً !

الأربعاء يوليو 02, 2014 5:43 pm
+ " سُوريا هِي بلادنا ،
لا داعي لأن تجري فينا دماؤها لتكون أصلنا ،
يكفينا أنّها تشاركنا أصلاً بشرياً واحدا ! "




- -









قَالت :


لَم أكن مطالبةً بالكثير أبداً ،
كَانت أكبر أحلامِي أن أنشئ عائلةً صغيرة ،
فامتلكتها و كما أردت تماماً ،
زوج محبٌ و أبٌ حانٍ ،
طفلان صَغيران أحملهما بين يدي في صغرهما ،
أقبلهما كُل مساءٍ ، و أصُبح عليهما كل صباح ،
أهمس لهما في أكثر لحظاتهما ضعفاً بأنني سأكون دوماً بالقرب ،
أقف دوماً بصفهما في مفترق الطرق ، أحاول ارشادهما للصواب لكي لا أرى أحدهما يتعثر ،
أمسك بيديهما عند عبور الشارع خوفاً من أن يمسهما ضررٌ لا أكون قادرةً على احتماله ،
أدافع عنهما أمام كل شر ، و أدفعهما لكل خير ،
كَانت تلك اهتماماتي ،
أن أدللهما كما أشاء دون أن يمتلك أحدٌ القدرة على منعي ،
فهم أطفالي أنا ، و وُضِعت يـآء الملكية هناك لسبب ،

،.

وَ من ثّم جاء يومٌ لَم يكن في الحسبان ،
يومٌ أخذ مني أحلامي ، صغيرةً كانت أم كبيرة ،
يومٌ أخذ مني كُل شيء ، ولكنه لم يأخذني بعد ،
في اليوم الخامس عشر من شهر مارس بدأت حياتي بالانهيار ،
كَان ذا اليوم هُو اليوم الذي قرر فيه شعب دولتي الانقلاب على قائدهم ،
بحثاً عمّا يلقبونه بالـ حرية ،
لم أكن أعي في السياسة كثيراً ،
ولكنني كُنت أعلم ما معنى الظلم ، و أخبروني بأن تلك الكلمة كانت معنىً مضاداً له ،
كانت المخططات تخطط في حينا قبل ذا اليوم بعدة أسابيع ، زوجي كَان شخصاً اندفاعياً ثورياً محباً للدفاع عن القيم ،
فكان من أول المشتركين من حينا ، كَانت الخطط تعقد في الشارع المقابل لمنزلي ،
كنت أنا و نسوة الحي نختبئ خلف الأبواب نتنصت على أحاديثهم بكل سعادة ،
سننتصر على الظالم ، و سننشئ وطناً أفضل لأبنائنا ،
كَانت بداية ثورتنا حالمةً جداً ، كل أعلامنا و احتجاجاتنا لَم تكن سوى أقمشةٍ كتبنا عليها أحلاماً ننتوي تحقيقها ،
أحلاماً نأمل في أن نجعلها واقعاً نحياه ،

وَ من ثم أتى اليوم الـ خامس و العشرين من شهر أبريل ،
كَان هذا تاريخ أول يومٍ بدأت فيه عمليات الجيش العسكرية ،
كَان ذَا أول يومٍ نعي فيه حرباً بدأناها ، أول يومٍ تبكي فيه أمٌ ابنها ،
أول يومٍ يبكي فيه فتىً وفاة أبيه بطلقة رصاصٍ اخترقت صدره ،
أول يومٍ بدأت فيه حربنا ،
كَان زوجي حانقاً جداً ، لما حدث ،
واصل إخباري طيلة ذلك الأسبوع عن حلمه الذي سيحققه إكراماً لجثثهم ،
و أنه هو و من معه سيجعلون وفاة هؤلاء الأشخاص شيئاً يذكر للأبد ،
كُنت خائفةً حينها ، ولكنني كُنت طموحةً جداً ،
كنت أودع زوجي و ابني كل صباحٍ بابتسامة مرتعدة ،
و أرحب بهم كل مساءٍ بسعادةٍ غامرة ، بدمعٍ يتساقط رغماً عني ،

فقد عادوا إليّ سالمين ،
حتى ابنتي مع صغر سنها إلا أنّها كانت واعيةً لما يحدث ،
كانت تركض لأبيها كل صباح تودعه بابتسامة و كأنّها عالمةٌ بأنّه سيذهب لينشئ لها وطناً جديداً ،
مَضت الأشهر على ذات الحال ، نصحوا كل يومٍ على صوت طلقات الرصاص ،
و نغفوا عليها أيضاً ، تكاثر عدد القتلى ،
فحَسبما أشاع الإعلام ، في شهر يوليو ،
بات عدد القتلى في الأسبوع 300 قتيل ،
أي ثلاث مئة عائلةٍ تبكي فقداها كل يوم ،

و لم تعد ثورتنا ثورةً قوية ،
و إنّما ثورةٌ ثائرة ، تبحث عمّن قَام بقتل ثوّارها لتلتهمه ،
بلغ عدد القتلى في حينا عدداً ليس بقليل ، صوت نواح الأمهات بات يتعالى خلف كل باب ،
و بت أغفو كل يومٍ آملةً بأن لا أكون يوماً في محل إحداهن ،

،.

كُنت أراني محظوظةً جداً ،
لَم أفقد أياً من عائلتي بعد ، كُنت خائفةً جداً من ذلك ،
كُنت أواصل محادثة زوجي محاولةً إرغامه على الانسحاب ، فلم تعد هذه حرباً لما هو منافٍ للظلم ،
بل أصبحت حرب إثباتٍ لظلمٍ عشناه منذ القدم ، و لم أعد أتمنى أن أكون جزءاً منها ،
هي حربنا ، هي حرب شعبنا ، و ستنتصر و أنا واثقةٌ من ذلك ،
ولكنني لن أنتظر ألى أن يخلو موطني من المواطنين لأشعر بفرحة الانتصار ،
لم اعد أريد تلك الفرحة ، كل ما أريده هو أمناً و آماناً !

،,



مضى عامٌ على بداية كل شيء ،
لم تعد هممنا كما كانت حين بدأنا ،
انقسم معظم من حولي الى فاقدين و مفقودين ،
وَ لم يكن بوسعنا القيام بأي شيءٍ سوى البقاء في منازلنا ،
نحتضن من تبقى لنا من الأبناء و نواصل الدعاء لمن هم بالخارج بالعيش ،

حتّى جاء اليوم السادس و العشرون من مايو ،
كَان زوجي قد أخذ طفليّ معه خارجاً ليتجرع منهم بعضاً من الأمل و روح الحياة ،
كُنت نائمةً حِين أيقظتني صرخات العديد من أمهات الحي المفاجئة ،
نهضتُ بسرعةٍ و اتجهت الى باب المنزل و إذا بأحدهم يطرقه بقوةٍ ،
فتحت الباب لأجد ابن جارتي يبكي و يرتعد أمامي ،
سألته : ما بك ي بني ؟
- قتلوه ي خالة ..
- قتلوا من ي عزيزي ؟!
- قتلوه ، أردوه برصاصةٍ أمام الملأ
خفت عندها كثيراً ، خشيت أن يكون أباه من أُردي ،
جلست بجانبه و احتضنته بقوة ،
ولكنه كان يحاول دفعي بشتى الطرق ،
سألني بصوتٍ تملؤه العبرة : ألاتريدين رؤيته ؟
- من تقصد ي عزيزي ؟
- ابنك ي خالة
صدمت حينها حدّ أن قلبي رفض أن يشعر بتلك الكلمات ،
ركضت نحو صوت الطلقات بصمتٍ تام ،
حتّى وصلت الى حيث حدث ما حدث ،
كَانت الأرض ممتلئةً بالجثث ،
العديد من الأطفال القتلى ، و العديد من الأمهات النائحات ،
لم أكترث حينها ، كنت أبحث عن ابني و فقط ، بت أجول بين الجثث ،
أين هو ي ترى ،
وجدته ، نعم ! هاهو ذا !

بُني ! بُني أجبني !"
بُني ، أرجوك أجبني ،
بُني ، لِم تأبى الإجابة علي ؟!
أعلم بأنني كُنت أماً سيئة ، لم يكن من المفترض أن أتركك ترحل مع أبيك أبداً ،
ولكن هلّا غفرت لي و حادثتني ؟
أعدك بأنني لن أخطئ مجدداً ، سأكون أماً أفضل يا بني ،
سأسمح لك بالذهاب إلى منزل صديقك حِين تشاء ،
وَ لَن أمنعك من مشاهدة التلفاز مساءً ،

و سأروي لك قصتك المفضلة كل ليلة ،
أعدك يا بُني ، فقط أجبني ، و سأكون لك ما تشاء !"

أدركت حينها بأنه لن يعود ،
احتضنت ما تبقى لي منه ، احتضنت جثته و انفجرت بالبكاء ،
أتت إليّ جارتي ، و بدأت بمحاولة تهوين الأمر علي ،
أخبرتني بأن لا أسخط ولا أجزع ،
أن ربنا فوق كل سماءٍ ولن يخذلنا ، أنه هو أعلم بحالنا ،
و أنه سيكتب لنا ما فيه خيرٌ لنا ،

جاء عندها رجالٌ من الحي المجاور حاملين بقايا جثة رجلٍ لم يستطيعوا التعرف عليه ،
طلبوا منّا أن نحاول التعرف عليه ، ذهبت عندها لأراه ، كَان يصعُب التأمل في ملامحه ،
مما جعل أمر التعرف عليه صعباً جداً ، ولكنني شعرت بوخزٍ في قلبي يخبرنني بأنني أعرف هذا الرجل مسبقاً ،
نعم ! لقد رأيت هذا البنطال من قبل ،
وهذه العينين ليستا غريبتين علي ،
كلا ! أرجوك يا إلهي أن أكون مخطئة ،
كم أتمنى أنني أتوهم ، و أن ما يدور في عقلي الآن ليس واقعاً أبداً ،
أدخلت يدي في جيبه و إذا بي قد وجدت صورة طفلينا في حديقة المنزل ،
نعم إنه هو ! هذا هو زوجي !

حينها جاء أحد رجال الثورة و بدأ الحديث بصوتٍ عال :
" يؤسفني حقاً أن أخبركم بأنّا قد فقدنا أحد أهم أعضائنا اليوم ،
كان شخصاً .. كان شخصاً قوياً جداً ، يزرع الأمل في حقول اليأس ،
و يبدأ الصبر في لحظات الجزع ، كان شخصاً مختلفاً جداً ،
ولكنه توفي ، فلنجعل لوفاته سبباً "

حينها لم تعد قدماي قادرةً على حملي ،
فسقطت على الأرض ، و بدأ الناس بالهتاف لحديثه ،
و أجهشت أنا بالبكاء وحيدة ،
لا أحد منهم يأبه لزوجي ، لا أحد يكترث لوفاته عداي ،
فقد علمتهم كثرة الفقد أن النصر هو الأهم ،
علمتهم كثرة الفقد أن سبب وفاة القلوب هو إحساسها ،
علمتهم أن الفقد يؤلم ، و أن البكاء له كان أشد ألماً !

،.



في ذلك اليوم ، وُضعت ابنتي في قائمة المفقودين ،
و وضع ابني و زوجي في قائمة القتلى الطويلة جداً ،
مازلت إلى يومنا ذا مقتنعةً بأن الشعب سينتصر ،
أن الظالم سيُقتل ، و أن دمائه ستسفك ،
وَ لكنني فقط أخشى علينا من حلمٍ تمنيناه ولم يتحقق ،
حُلمٍ كتبناه على أقمشةٍ تظاهرنا بها يومياً
" نُريد وطناً أفضل لأبنائنا "
فرحل الأبناء وَ مَات الوطن !



،.


+ كان زوجي يخبرني بأنه سيجعل من وفاة القتلى شيئاً يذكر على مر السنين ،
و هاهو الآن سيذكر و في ذات الخبر معهم هو و العديد من الباقين !

+ اليَوم سأنضم إلى العديد من الرجال خارجاً ،
س أتعلم التصويب و إطلاق الرصاص ، فقد علمني واقعي بأن البشر لن يتواجدوا لبعضهم حين الحاجة إلا لحاجة ،
علمني واقعي بأن الحكومات ستصمت لظلمنا إلى أن يمسّهم ،
علمني واقعي أن الشعب السوري تُرك وحيداً في مجزرةٍ تاريخية ،

+ ترى ماذا سيكون عُذركم لأبنائكم حين يسألونكم عمّا حدث لبلادي ؟
ماذا ستجيبون إن سألوكم أين كنتم يومها ؟
بِربكم أي عُذرٍ سـ تختلقون ؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى